رقابة من الداخل !!
( "فوق كل تحفُّظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة" (أم ٢٣:٤
رقابة من الداخل
زمان:
أذكر – ويذكر معي كثيرون – أننا في أواخر الستينات من القرن الماضي
وحتى أواخر السبعينات، كان التليفزيون يبث إرساله لساعات معدودة مساء كل يوم،
ولم يكن هناك سوى قناة ٥ وقناة ٩ ! وكانت البرامج – التي نشاهدها بالأبيض
والأسود في ذاك الوقت – عبارة عن أخبار وقليل من المسلسلات والأفلام، أما برامج
الأطفال وبالذات أفلام الكارتون التي كنا نحبها، فكانت نادرة.
والسمة الأهم من قلة ساعات الإرسال هي
مضمون أو محتوى ما يبثُّ من برامج: إذ كان كل
المعروض مراجع و منتقى بدقة بل و مصفى من
قبل جهاز صارم للرقابة لا يسمح بكلام قبيح أو
بمشاهد مثيرة ولا بالطبع لأي تدخُّل أو تعليق
سياسي أو ديني. ومع تطبيق هذا النظام الرقابي
لسنوات طويلة، أمن الناس على أنفسهم وعلى أولادهم أمام التليفزيون، وسيلة الإعلام
الأحدث وقتها!
سموات مفتوحة:
ولكن "دوام الحال من المحال"، فما هي إلا سنوات حتى تطور الوضع
بسرعة، "وانفتحت السموات"، إذ أصبحنا في عصر السموات المفتوحة التي تصب
علينا من الانترنت ومن "الدش" موادًا غير محكومة ولا مضبوطة! وصار جهاز
الرقابة "بتاع زمان" كمن يصد سرب طائرات إف- ١٦ بمنشة للذباب! وحتى هذه
"المن ّ شة" – أقصد الرقابة – فقد "وّفقت أوضاعها" هي الأخرى لتساير "الزمن الرديء"
الذي يملي عليها أن تسمح بما لم يكن ممكنًا أن تسمح به من سنوات. فضغط المنافسة
بين القنوات الفضائية الخاصة والعربية والأجنبية، على العقول التي تختار دائ ما الحل
الأسهل، يجعل الرقابة – حتى في القنوات "الحكومية" - تتساهل فيما تمرره، بد ًلا من
أن تدعو إلى ما هو جاد وواقعي.
فوداعًا إذًا للزمن الذي كان
الناس فيه يذهبون للسينما أو المسرح
بالملابس الرسمية، ووداعا للزمن الذي
كانوا ينامون فيه مبكرًا بعد مشاهدة
أخبار الساعة التاسعة، أو بعد سماع
خطاب الرئيس في الراديو!! وأه ً لا –
نقولها من تحت الأضراس – لزمن
السهر حتى الصباح في غرف
"الدردشة" على الانترنت، أو مشاهدة
برامج وأفلام من "الدش" الذي لا يهدأ:
فمساؤك هو "عز الظهر" في أجزاء من العالم، وصباحك هو ليل آخرين!
رقابة الروح القدس:
ومجمل القول أنه لا يمكننا فيما بعد الاتكال على "رقابة زمان"، فقد طارت
رقبتها! وعلى كل واحد – من الآن فصاعدًا - أن يعتمد كليا على رقابة داخلية، تختار
له ماذا يقرأ وماذا يسمع وماذا يشاهد. فالوقت الآن أحوج ما يكون أن يوقظ كلٌ مّنا
روح الله الناري داخل قلبه، ليكون لك بمثابة مرشد أمين في وسط تيه طرق العالم،
وليكون لك كضوء الفنار لسفينة حياتك التي تقاوم اللجج. لقد قال ربنا يسوع المسيح
عن الروح القدس: "وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق"
(يو ١٣:١٦ ) فهو الذي يقدس الضمير ويقود الإنسان المجاهد بصوت واضح قال عنه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سلام ونعمة رب المجد يسوع