نبذة جميلة عن حياة
السيدة العذراء مريم
سلسلة نسبها:
يذكر عن مريم أم يسوع أنها كانت نسيبة لأليصابات التي كانت من بنات هرون ( لو 1: 5 ) ، مما قد يدفع إلى الظن بأن مريم كانت أيضاًمن سبط لاوي ، بينما يكاد الإجماع ينعقد على أنها كانت من نسل داود الملك ، وأن عبارة من بيت داود ( لو 1: 27) يمكن أن تكون وصفاًللعذراء أو ليوسف ، كما أن الملاك يقول للعذراء إن المولود منها يكون عظيماًوابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ( لو 1: 32 ) . ويقول زكريا الكاهن : أقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه ( لو 1: 69). وإطلاق لقب ابن داود في مواضع كثيرة على الرب يسوع
( مت 9: 27 ،15: 22 ،20: 30 و31 ، مرقس 10: 47 و48 ) يتضمن أنه سواء من جانب أمه أو من جانب يوسف ، كان الرب يسوع من نسل داود . وقد جاء في النسخة السريانية لإنجيل لوقا - التي وجدت في دير سانت كاترين في سيناء - لأن كليهما ( مريم ويوسف ) كانا من بيت داود ( لو 2: 4). ويرى الكثيرون أن لوقا يعطينا في الأصحاح الثالث سلسلة نسب مريم ( لو 3: 23-38) . ويذكر إنجيل يعقوب الأوَّلى ( وهو إنجيل أبوكريفي ) أن والديها يواقيم من الناصرة ، و حنة من بيت لحم . ولا يذكر في الكتاب المقدس من أقربائها سوى أختها ( يو 19: 25). وبالمقارنة بين مرقس 15: 40 ، مت 27: 56 ، يكاد يكون من المؤكد أن أختها هذه كانت سالومة أم ابني زبدي ، وفي هذه الحالة يكون يعقوب ويوحنا ابني خالة للرب يسوع . أما افتراض أن أخت أمه هي مريم زوجة كلوبا ، فمن غير المحتمل أن تسمى أختان بنفس الاسم.
(2) الخطبة:
تربت مريم في الناصرة ، والأرجح أنها كانت في العقد الثاني من عمرها عندما خطبت . وفي كتاب تاريخ يوسف النجار ( من القرن الرابع ) يقال إنها كانت بنت اثنتي عشرة سنة عندما خطبت ليوسف ، الذي كان أرمل في التسعين من العمر ، وصاحب عائلة كبيرة . أما القصة الكتابية فتفترض أنه كان شاباًيشرع في الزواج لأول مرة .
وكانت الخطبة في العادات اليهودية تكاد تعتبر زواجاً، فكان يُعرض الأمر على الفتاة ، ثم تقدم لها هدية صغيرة كمهر ، وذلك في حضور شهود ، وقد يسجل ذلك كتابه. ومنذ تلك اللحظة ، تعتبر الفتاة زوجة ، ولذلك يقول الملاك ليوسف في أثناء الخطبة : يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك ، لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس ( مت 1: 20 ). ونلاحظ أنه لم يقل له: إياك أن تأخذها ، نهياًله عن الزواج منها ، لو أن في زواجها ما يمس كرامتها.
ولو مات خاطب المرأة في أثناء الخطبة ، فإنها كانت تعتبر أرملة خاضعة لشريعة الزواج من أخي الزوج ( تث 25: 5-10 ). ولم يكن في إمكان الفتاة المخطوبة أن تتخلص من خاطبها إلا بوثيقة طلاق . ومع ذلك كان أي اتصال جنسي بين المخطوبين ( قبل أن يُشهر الزواج ويتم الزفاف ) يعتبر زنا.
(3) البشارة: ( لو 1: 26-38) .
في أثناء فترة الخطبة ، ظهر الملاك جبرائيل ، وحياها بالقول : سلام لك أيتها المنعم عليها .. الرب معك . فهي ليست مصدر النعمة تستطيع أن تمنحها لآخرين ، بل هي نفسها قد نالت نعمة من الرب . فاضطربت مريم من كلامه ، فقال لها الملاك : لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله . وها أنت ستحبلين وتلدين ابناًوتسمينه يسوع . هذا يكون عظيماًوابن العلي يدعى ، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه . ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية .
وقد سألت مريم السؤال المنطقي : كيف كون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟ . ولم يكن هذا عن شك أو عدم إيمان بالرسالة كما فعل زكريا أبو يوحنا المعمدان ( لو 1: 18) ، بل انتابتها الحيرة عن كيفية إتمام ذلك . فأجابها الملاك: الروح القدس يحل عليك ، وقوة العلي تظللك ، فلذلك أيضاًالقدوس المولود منك، يدعى ابن الله . وهو قاطع بحبل مريم العذراوي . أما قول مريم : هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين ( لو 2: 48) ، فكان ذلك باعتبار أن يوسف هو رجلها ورب الأسرة ، فكان يوسف أباه بالتبني .
وأردف الملاك بالقول : هوذا أليصابات نسيبتك هي أيضاًحبلى بابن في شيخوختها ، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً، لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله ( لو 1: 36 و 37) ، فأجابت مريم بكلمات تدل على مدى وداعتها واتضاعها وإيمانها وخضوعها للرب : هوذا أنا أمة الرب . ليكن لي كقولك ( لو 1: 38) .
(4) زيارتها لأليصابات ( لو 1: 39-56):
بعد أن مضى من عندها الملاك ببضعة أيام ، ذهبت مريم لزيارة منزل زكريا واليصابات . ويكتفي لوقا بالقول إنها ذهبت بسرعة إلى الجبال ، إلى مدينة يهوذا ، ولكن يقول التقليد إن بيت زكريا كان في قرية عين كارم التي تبعد خمسة أميال إلى الغرب من أورشليم . وإذا صح ذلك ، فإن مريم تكون قد قطعت ما يزيد عن ثمانين ميلاًمن الناصرة .
وعندما دخلت البيت وسلَّمت على أليصابات ، فوجئت بقول أليصابات : مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىَّ ؟ . قالت أليصابات ذلك لأن الجنين ارتكض بابتهاج في بطنها حالما سمعت سلام مريم ، كما أنها أمتلأت من الروح القدس ، وأضافت : طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب . فترنمت مريم بأنشودتها العذبة تعظيماًللرب وابتهاجاًالله مخلصها . ونرى في الترنيمة عمق معرفة مريم بكلمة الله ، إذ فيها الكثير من روح المزامير وترنيمة حنة أم صموئيل ( 1 صم 2: 1 - 10) . ومكثت مريم عند أليصابات نحو ثلاثة أشهر ثم رجعت إلى بيتها في الناصرة .
(5) قصص طفولة يسوع:
وبعد عودتها إلى الناصرة بقليل ، وجُدت ( مريم ) حبلى من الروح القدس ، ويوسف رجلها إذ كان باراً، ولم يشأ أن يُشهرها ، أراد تخليتها سراًدون أن يعرضها للعار ، بل وللرجم . ولكن فيما هو متفكر في الأمور ، إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً: يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك ، لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس (مت1: 18- 20) ، وطلب منه ما سبق أن طلبه من مريم ، أن يسمي الطفل يسوع ( ومعناه يهوه خلاص ) لأنه يخلص شعبه من خطاياهم ( مت 1: 21) . وحالما أستيقظ يوسف من النوم ، فعل كما أمره ملاك الرب ، وأخذ امرأته . ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ( مت 1: 24 و 25).
ومن قصة متى وحدها ، قد يتبادر إلى الذهن أن بيت لحم كانت مقر إقامة يوسف ومريم ، ولكن لوقا يشرح لنا سبب ذهابها إلى بيت لحم ، فقد أصدر أوغسطس قيصر أمراًبأن يكتتب كل المسكونة . وقد اتهم بعض النقاد لوقا بعدم الدقة ، على أساس أن التاريخ لم يذكر أن تعداداًحدث في وقت ولادة المسيح، وأن الأمر لم يكن يستوجب أن يقطع الإنسان نحو ثمانين ميلاًلكي يملأ بطاقة التعداد . ولكن الاكتشافات الأثرية أثبتت دقة لوقا ، أنظر أزمنة العهد الجديد - ميلاد المسيح .
ولا شك في أنه بسبب ازدحام مدينة بيت لحم بالقادمين من أجل التعداد ، امتلأت فنادقها بهم ، حتى لم يكن لمريم ويوسف موضع في المنزل ، فاضطرت مريم أن تُضجع الطفل في مذود ، ربما في كهف قريب ( كما تذكر بعض الأناجيل الأبوكريفية ).
وفي الحقول ، كانت جماعة من الرعاة يحرسون حراسات الليل على رعيتهم . وكانت هذه القطعان توجد دائماًقريبة من منطقة أورشليم لإمكان تقديم الذبائح في الهيكل في أورشليم ، الذي لم يكن يبعد عنهم بأكثر من ستة أميال . وظهر ملاك الرب للرعاة وبشرهم بولادة المسيح المخلص ، فأسرعوا إلى بيت لحم ووجدوا الطفل مقمطاًمضجعاًفي مذود ، كما قال لهم الملائكة ، ورووا ما شاهدوه وما سمعوه . أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها ( لو 2: 19) .
ولا يذكر لنا متى كم من الوقت كان قد مضى بعد مولد الرب يسوع ، عندما جاء المجوس من الشرق ، يقودهم النجم الذي رأوه في المشرق ، بحثاًعن المولود ملك اليهود . فلما سمع هيرودس أخبارهم ، اضطرب . وعندما تحقق من رؤساء الكهنة والكتبة أنه يولد في بيت لحم بناء على نبوة ميخا النبي ( مي5: 2)، فاستدعى المجوس وأرسلهم إلى بيت لحم لاستقصاء الأمر ، والعودة إليه . وكانت العائلة المقدسة قد انتقلت إلى بيت ، فجاء إليه المجوس ورأوا الصبي معي مريم أمه ، فخروا وسجدوا له . ثم قدموا له هدايا ذهباًولباناًومراً. ثم إذ أوحي إليهم في حلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس ، انصرفوا في طريق أخرى إلى كورتهم (مت 2: 1-12).
وفي اليوم الثامن تم ختان الصبي حسب الناموس وسمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل أن حُبل به في البطن ( لو 2: 21).
ولما كملت الأربعون يوماًلتطهيرها حسب الشريعة ، صعدوا إلى أورشليم ليقدموه للرب ، وقدموا ذبيحة زوج يمام أو فرخي حمام ، وهي الذبيحة التي كان يقدمها الفقراء الذين لم تنل يدهم كفاية لشاة ( لا 12: 2-8 ، لو 2: 22-24).
وعند دخولهم إلى الهيكل ، لتقديم الصبي للرب ، كان هناك شيخ اسمه سمعان أتى بالروح إلى الهيكل فأخذ الصبي على ذراعيه وبارك الله وقال : الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام ، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب . نور إعلان للأمم ومجداًلشعبك إسرائيل. وكان يوسف وأمه يتعجبان مما قيل فيه . وباركهما سمعان وقال لمريم أمه : ها إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ، ولعلامة تُقاوم . وأنت أيضاًيجوز في نفسك سيف . لتعلن أفكار من قلوب كثيرة ( لو 2: 25-35).
كما كانت هناك في الهيكل نبية ، حنة بنت فنوئيل من سبط أشير ، وكانت متقدمة في الأيام ، وترملت منذ نحو أربع وثمانين سنة ، وكانت لا تفارق الهيكل ، عابدة بأصوام وطلبات ليلاًونهاراً. فلما رأت الصبي ، وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم ( لو 2: 36-38).
ويبدو ، لأول وهلة ، من إنجيل لوقا أن العائلة المقدسة رجعت بعد ذلك مباشرة إلى الناصرة ( لو 2: 39) ، ولكن متى يقول لنا إنه بعد رحيل المجوس ، أمر ملاك الرب يوسف أن يأخذ الصبي وأمه ويهرب إلى مصر .... لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه . فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاًوانصرف إلى مصر . وكان هناك إلى وفاة هيرودس ( مت 2: 13و14) ، وكان ذلك حوالي نهاية مارس في 4 ق.م. ولا يذكر لنا الكتاب كم مكثت العائلة المقدسة في مصر ، أو أين أقامت . وتقول بعض التقاليد القديمة إنها مكثت في مصر نحو سنتين تنقلت فيهما ما بين المطرية وصعيد مصر ، وإن كان البعض يرون أنها لم تمكث في مصر سوى بضعة أشهر .
ولما مات هيرودس ظهر ملاك الرب في حلم ليوسف في مصر قائلاً: قم وخذ الصبي وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي . فنفذ يوسف الأمر ، ولكنه عاد إلى الناصرة في الجليل إذ عرف أن أرخيلاوس يملك على اليهودية عوضاًعن هيرودس أبيه ( مت 2: 19-23).
(6)الحياة في الناصرة والرحلة إلى أورشليم:
يقول لوقا : وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاًحكمة ، وكانت نعمة الله عليه ( لو 2: 40) ، فقد كان البيت بيتاًيهودياًيتميز - بلا شك -بالتقوى واللهج في كلمة الله. وكانت الأسرة تذهب كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح ، وفي إحدى هذه الزيارات السنوية ، عندما كان الصبي في الثانية عشرة من عمره ، تخلف الصبي عن العودة مع يوسف وأمه ، وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالساًفي وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم . وكل الذين سمعوه بُهتوا من فهمه وأجوبته . فلما أبصراه ( مريم ويوسف ) اندهشا ، وقالت له أمه : يا بني لماذا فعلت بنا هكذا ؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين . فقال لهما : لماذا كنتما تطلباني ، ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي ؟ فلم يفهما ما قال . ثم نزل معهما إلى الناصرة وكان خاضعاًلهما . وكانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها ( لو 2: 41-52).
وكان في تلك الأثناء يساعد يوسف في مهنة النجارة . والأرجح أن يوسف النجار توفى قبل أن يبدأ الرب يسوع خدمته. وتقول التقاليد القديمة أن يوسف مات عندما كان الرب يسوع في الثامنة عشرة من عمره في بيت إيل . فعندما استيقظ من الحلم الذي رأى فيه السلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء ، وسمع وعد الرب له ، أقام الحجر عموداًوصب على رأسه زيتاً( تك 28: 18 ، 31: 13) ، كما أنه في عصر القضاة ، كان أمراً مألوفا ًأن يُمسح الملك بالزيت عند توليه الملك ( قض 9: 8و15).
(7) الأحداث في أثناء خدمة المسيح :
كانت مريم أمه موجودة في عرس قانا الجليل الذي دعى إليه أيضاًيسوع وتلاميذه. ويبدو أنها كانت مسئولة - ولو إلى حد ما - عن الإشراف على الخدمة ، إذ يبدو أن أصحاب العرس كانوا من الأقرباء المقربين. وعندما فرغت الخمر ، قالت له أمه : ليس لهم خمر . ولا شك في أنها كانت قد بدأت
تدرك - إلى حد ما - حقيقته، فكانت تتوقع أن يفعل شيئاًلإنقاذ الموقف ، ولإشهار حقيقيته. ومن هنا جاء قوله لها : لم تأت ساعتي بعد . ( يو2: 1-5 ).
بعد هذا أنتقل الرب يسوع هو وأمه وإخوته وتلاميذه إلى كفرناحوم ( يو 2: 12). واجتمع حوله جمع كثير ، ولما سمع أقرباؤه ، خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا إنه مختل ( مرقس 3: 21 ). وعندما جاء إخوته وأمه ووقفوا خارجاًوارسلوا إليه يدعونه، أما هو فأجاب قائلاً: من هي أمي ومن هم إخوتي ؟ ثم مد يده نحو تلاميذه ، وقال : ها أمي وإخوتي. لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأختي وأمي ( مت 12: 46-50 ، مرقس 3: 31 - 35 ، لو 8: 19-21 ) . والإشارة الأخرى إلى مريم أمه في أثناء خدمته هي عندما رفعن امرأة صوتها من الجمع وقالت له : طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما. أما هو فقال : بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه ( لو 11: 27 و 28 ). وهو هنا يؤكد مرة أخرى أن العلاقة الجسدية به لا تضمن - بالضرورة - البركة ، لأن البركة الحقيقية هي في طاعة الله.
(8) عند الصليب :
يذكر يوحنا الحبيب أن مريم أم يسوع كانت بين الواقفات عند الصليب ، ولما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً، قال لأمه : يا امرأة هوذا ابنك .ثم قال للتلميذ : هوذا أمك ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته ( يو 19: 25- 27).
وتقول بعض التقاليد إنها عاشت بقية أيامها مع يوحنا سواء في أورشليم ، أو رافقته إلى أفسس .
(9) بعد القيامة :
لا تذكر الأناجيل شيئاًعنها بعد ذلك ، ولكن لوقا يذكر في سفر أعمال الرسل إنه بعد قيامة المسيح وصعوده إلى السماء ، ورجع التلاميذ من جبل الزيتون إلى أورشليم وصعدوا إلى العلية التي كانوا يقيمون فيها ، وكانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته ( أع 1: 12-14 ) في انتظار تحقيق وعد الرب بإرسال الروح القدس ، وهو ما تم في يوم الخمسين. ولا يذكر الكتاب المقدس شيئاًعنها بعد هذا.
إن جميع المسيحيين ، بل والكثيرين من غير المسيحين يطوبونها لأنها أم يسوع ، وهي بلا شك تستحق ذلك فجميع الأجيال تطوبها ( لوقا 1: 48 ) ، لكن لا سند من الكتاب المقدس لكل الأساطير التي ينسجونها حولها ، ويجب أن نلتزم بكلمة الله لأنها هي الحق
السيدة العذراء مريم
سلسلة نسبها:
يذكر عن مريم أم يسوع أنها كانت نسيبة لأليصابات التي كانت من بنات هرون ( لو 1: 5 ) ، مما قد يدفع إلى الظن بأن مريم كانت أيضاًمن سبط لاوي ، بينما يكاد الإجماع ينعقد على أنها كانت من نسل داود الملك ، وأن عبارة من بيت داود ( لو 1: 27) يمكن أن تكون وصفاًللعذراء أو ليوسف ، كما أن الملاك يقول للعذراء إن المولود منها يكون عظيماًوابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ( لو 1: 32 ) . ويقول زكريا الكاهن : أقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه ( لو 1: 69). وإطلاق لقب ابن داود في مواضع كثيرة على الرب يسوع
( مت 9: 27 ،15: 22 ،20: 30 و31 ، مرقس 10: 47 و48 ) يتضمن أنه سواء من جانب أمه أو من جانب يوسف ، كان الرب يسوع من نسل داود . وقد جاء في النسخة السريانية لإنجيل لوقا - التي وجدت في دير سانت كاترين في سيناء - لأن كليهما ( مريم ويوسف ) كانا من بيت داود ( لو 2: 4). ويرى الكثيرون أن لوقا يعطينا في الأصحاح الثالث سلسلة نسب مريم ( لو 3: 23-38) . ويذكر إنجيل يعقوب الأوَّلى ( وهو إنجيل أبوكريفي ) أن والديها يواقيم من الناصرة ، و حنة من بيت لحم . ولا يذكر في الكتاب المقدس من أقربائها سوى أختها ( يو 19: 25). وبالمقارنة بين مرقس 15: 40 ، مت 27: 56 ، يكاد يكون من المؤكد أن أختها هذه كانت سالومة أم ابني زبدي ، وفي هذه الحالة يكون يعقوب ويوحنا ابني خالة للرب يسوع . أما افتراض أن أخت أمه هي مريم زوجة كلوبا ، فمن غير المحتمل أن تسمى أختان بنفس الاسم.
(2) الخطبة:
تربت مريم في الناصرة ، والأرجح أنها كانت في العقد الثاني من عمرها عندما خطبت . وفي كتاب تاريخ يوسف النجار ( من القرن الرابع ) يقال إنها كانت بنت اثنتي عشرة سنة عندما خطبت ليوسف ، الذي كان أرمل في التسعين من العمر ، وصاحب عائلة كبيرة . أما القصة الكتابية فتفترض أنه كان شاباًيشرع في الزواج لأول مرة .
وكانت الخطبة في العادات اليهودية تكاد تعتبر زواجاً، فكان يُعرض الأمر على الفتاة ، ثم تقدم لها هدية صغيرة كمهر ، وذلك في حضور شهود ، وقد يسجل ذلك كتابه. ومنذ تلك اللحظة ، تعتبر الفتاة زوجة ، ولذلك يقول الملاك ليوسف في أثناء الخطبة : يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك ، لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس ( مت 1: 20 ). ونلاحظ أنه لم يقل له: إياك أن تأخذها ، نهياًله عن الزواج منها ، لو أن في زواجها ما يمس كرامتها.
ولو مات خاطب المرأة في أثناء الخطبة ، فإنها كانت تعتبر أرملة خاضعة لشريعة الزواج من أخي الزوج ( تث 25: 5-10 ). ولم يكن في إمكان الفتاة المخطوبة أن تتخلص من خاطبها إلا بوثيقة طلاق . ومع ذلك كان أي اتصال جنسي بين المخطوبين ( قبل أن يُشهر الزواج ويتم الزفاف ) يعتبر زنا.
(3) البشارة: ( لو 1: 26-38) .
في أثناء فترة الخطبة ، ظهر الملاك جبرائيل ، وحياها بالقول : سلام لك أيتها المنعم عليها .. الرب معك . فهي ليست مصدر النعمة تستطيع أن تمنحها لآخرين ، بل هي نفسها قد نالت نعمة من الرب . فاضطربت مريم من كلامه ، فقال لها الملاك : لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله . وها أنت ستحبلين وتلدين ابناًوتسمينه يسوع . هذا يكون عظيماًوابن العلي يدعى ، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه . ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية .
وقد سألت مريم السؤال المنطقي : كيف كون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟ . ولم يكن هذا عن شك أو عدم إيمان بالرسالة كما فعل زكريا أبو يوحنا المعمدان ( لو 1: 18) ، بل انتابتها الحيرة عن كيفية إتمام ذلك . فأجابها الملاك: الروح القدس يحل عليك ، وقوة العلي تظللك ، فلذلك أيضاًالقدوس المولود منك، يدعى ابن الله . وهو قاطع بحبل مريم العذراوي . أما قول مريم : هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين ( لو 2: 48) ، فكان ذلك باعتبار أن يوسف هو رجلها ورب الأسرة ، فكان يوسف أباه بالتبني .
وأردف الملاك بالقول : هوذا أليصابات نسيبتك هي أيضاًحبلى بابن في شيخوختها ، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً، لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله ( لو 1: 36 و 37) ، فأجابت مريم بكلمات تدل على مدى وداعتها واتضاعها وإيمانها وخضوعها للرب : هوذا أنا أمة الرب . ليكن لي كقولك ( لو 1: 38) .
(4) زيارتها لأليصابات ( لو 1: 39-56):
بعد أن مضى من عندها الملاك ببضعة أيام ، ذهبت مريم لزيارة منزل زكريا واليصابات . ويكتفي لوقا بالقول إنها ذهبت بسرعة إلى الجبال ، إلى مدينة يهوذا ، ولكن يقول التقليد إن بيت زكريا كان في قرية عين كارم التي تبعد خمسة أميال إلى الغرب من أورشليم . وإذا صح ذلك ، فإن مريم تكون قد قطعت ما يزيد عن ثمانين ميلاًمن الناصرة .
وعندما دخلت البيت وسلَّمت على أليصابات ، فوجئت بقول أليصابات : مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىَّ ؟ . قالت أليصابات ذلك لأن الجنين ارتكض بابتهاج في بطنها حالما سمعت سلام مريم ، كما أنها أمتلأت من الروح القدس ، وأضافت : طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب . فترنمت مريم بأنشودتها العذبة تعظيماًللرب وابتهاجاًالله مخلصها . ونرى في الترنيمة عمق معرفة مريم بكلمة الله ، إذ فيها الكثير من روح المزامير وترنيمة حنة أم صموئيل ( 1 صم 2: 1 - 10) . ومكثت مريم عند أليصابات نحو ثلاثة أشهر ثم رجعت إلى بيتها في الناصرة .
(5) قصص طفولة يسوع:
وبعد عودتها إلى الناصرة بقليل ، وجُدت ( مريم ) حبلى من الروح القدس ، ويوسف رجلها إذ كان باراً، ولم يشأ أن يُشهرها ، أراد تخليتها سراًدون أن يعرضها للعار ، بل وللرجم . ولكن فيما هو متفكر في الأمور ، إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً: يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك ، لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس (مت1: 18- 20) ، وطلب منه ما سبق أن طلبه من مريم ، أن يسمي الطفل يسوع ( ومعناه يهوه خلاص ) لأنه يخلص شعبه من خطاياهم ( مت 1: 21) . وحالما أستيقظ يوسف من النوم ، فعل كما أمره ملاك الرب ، وأخذ امرأته . ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ( مت 1: 24 و 25).
ومن قصة متى وحدها ، قد يتبادر إلى الذهن أن بيت لحم كانت مقر إقامة يوسف ومريم ، ولكن لوقا يشرح لنا سبب ذهابها إلى بيت لحم ، فقد أصدر أوغسطس قيصر أمراًبأن يكتتب كل المسكونة . وقد اتهم بعض النقاد لوقا بعدم الدقة ، على أساس أن التاريخ لم يذكر أن تعداداًحدث في وقت ولادة المسيح، وأن الأمر لم يكن يستوجب أن يقطع الإنسان نحو ثمانين ميلاًلكي يملأ بطاقة التعداد . ولكن الاكتشافات الأثرية أثبتت دقة لوقا ، أنظر أزمنة العهد الجديد - ميلاد المسيح .
ولا شك في أنه بسبب ازدحام مدينة بيت لحم بالقادمين من أجل التعداد ، امتلأت فنادقها بهم ، حتى لم يكن لمريم ويوسف موضع في المنزل ، فاضطرت مريم أن تُضجع الطفل في مذود ، ربما في كهف قريب ( كما تذكر بعض الأناجيل الأبوكريفية ).
وفي الحقول ، كانت جماعة من الرعاة يحرسون حراسات الليل على رعيتهم . وكانت هذه القطعان توجد دائماًقريبة من منطقة أورشليم لإمكان تقديم الذبائح في الهيكل في أورشليم ، الذي لم يكن يبعد عنهم بأكثر من ستة أميال . وظهر ملاك الرب للرعاة وبشرهم بولادة المسيح المخلص ، فأسرعوا إلى بيت لحم ووجدوا الطفل مقمطاًمضجعاًفي مذود ، كما قال لهم الملائكة ، ورووا ما شاهدوه وما سمعوه . أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها ( لو 2: 19) .
ولا يذكر لنا متى كم من الوقت كان قد مضى بعد مولد الرب يسوع ، عندما جاء المجوس من الشرق ، يقودهم النجم الذي رأوه في المشرق ، بحثاًعن المولود ملك اليهود . فلما سمع هيرودس أخبارهم ، اضطرب . وعندما تحقق من رؤساء الكهنة والكتبة أنه يولد في بيت لحم بناء على نبوة ميخا النبي ( مي5: 2)، فاستدعى المجوس وأرسلهم إلى بيت لحم لاستقصاء الأمر ، والعودة إليه . وكانت العائلة المقدسة قد انتقلت إلى بيت ، فجاء إليه المجوس ورأوا الصبي معي مريم أمه ، فخروا وسجدوا له . ثم قدموا له هدايا ذهباًولباناًومراً. ثم إذ أوحي إليهم في حلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس ، انصرفوا في طريق أخرى إلى كورتهم (مت 2: 1-12).
وفي اليوم الثامن تم ختان الصبي حسب الناموس وسمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل أن حُبل به في البطن ( لو 2: 21).
ولما كملت الأربعون يوماًلتطهيرها حسب الشريعة ، صعدوا إلى أورشليم ليقدموه للرب ، وقدموا ذبيحة زوج يمام أو فرخي حمام ، وهي الذبيحة التي كان يقدمها الفقراء الذين لم تنل يدهم كفاية لشاة ( لا 12: 2-8 ، لو 2: 22-24).
وعند دخولهم إلى الهيكل ، لتقديم الصبي للرب ، كان هناك شيخ اسمه سمعان أتى بالروح إلى الهيكل فأخذ الصبي على ذراعيه وبارك الله وقال : الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام ، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب . نور إعلان للأمم ومجداًلشعبك إسرائيل. وكان يوسف وأمه يتعجبان مما قيل فيه . وباركهما سمعان وقال لمريم أمه : ها إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ، ولعلامة تُقاوم . وأنت أيضاًيجوز في نفسك سيف . لتعلن أفكار من قلوب كثيرة ( لو 2: 25-35).
كما كانت هناك في الهيكل نبية ، حنة بنت فنوئيل من سبط أشير ، وكانت متقدمة في الأيام ، وترملت منذ نحو أربع وثمانين سنة ، وكانت لا تفارق الهيكل ، عابدة بأصوام وطلبات ليلاًونهاراً. فلما رأت الصبي ، وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم ( لو 2: 36-38).
ويبدو ، لأول وهلة ، من إنجيل لوقا أن العائلة المقدسة رجعت بعد ذلك مباشرة إلى الناصرة ( لو 2: 39) ، ولكن متى يقول لنا إنه بعد رحيل المجوس ، أمر ملاك الرب يوسف أن يأخذ الصبي وأمه ويهرب إلى مصر .... لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه . فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاًوانصرف إلى مصر . وكان هناك إلى وفاة هيرودس ( مت 2: 13و14) ، وكان ذلك حوالي نهاية مارس في 4 ق.م. ولا يذكر لنا الكتاب كم مكثت العائلة المقدسة في مصر ، أو أين أقامت . وتقول بعض التقاليد القديمة إنها مكثت في مصر نحو سنتين تنقلت فيهما ما بين المطرية وصعيد مصر ، وإن كان البعض يرون أنها لم تمكث في مصر سوى بضعة أشهر .
ولما مات هيرودس ظهر ملاك الرب في حلم ليوسف في مصر قائلاً: قم وخذ الصبي وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي . فنفذ يوسف الأمر ، ولكنه عاد إلى الناصرة في الجليل إذ عرف أن أرخيلاوس يملك على اليهودية عوضاًعن هيرودس أبيه ( مت 2: 19-23).
(6)الحياة في الناصرة والرحلة إلى أورشليم:
يقول لوقا : وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاًحكمة ، وكانت نعمة الله عليه ( لو 2: 40) ، فقد كان البيت بيتاًيهودياًيتميز - بلا شك -بالتقوى واللهج في كلمة الله. وكانت الأسرة تذهب كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح ، وفي إحدى هذه الزيارات السنوية ، عندما كان الصبي في الثانية عشرة من عمره ، تخلف الصبي عن العودة مع يوسف وأمه ، وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالساًفي وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم . وكل الذين سمعوه بُهتوا من فهمه وأجوبته . فلما أبصراه ( مريم ويوسف ) اندهشا ، وقالت له أمه : يا بني لماذا فعلت بنا هكذا ؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين . فقال لهما : لماذا كنتما تطلباني ، ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي ؟ فلم يفهما ما قال . ثم نزل معهما إلى الناصرة وكان خاضعاًلهما . وكانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها ( لو 2: 41-52).
وكان في تلك الأثناء يساعد يوسف في مهنة النجارة . والأرجح أن يوسف النجار توفى قبل أن يبدأ الرب يسوع خدمته. وتقول التقاليد القديمة أن يوسف مات عندما كان الرب يسوع في الثامنة عشرة من عمره في بيت إيل . فعندما استيقظ من الحلم الذي رأى فيه السلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء ، وسمع وعد الرب له ، أقام الحجر عموداًوصب على رأسه زيتاً( تك 28: 18 ، 31: 13) ، كما أنه في عصر القضاة ، كان أمراً مألوفا ًأن يُمسح الملك بالزيت عند توليه الملك ( قض 9: 8و15).
(7) الأحداث في أثناء خدمة المسيح :
كانت مريم أمه موجودة في عرس قانا الجليل الذي دعى إليه أيضاًيسوع وتلاميذه. ويبدو أنها كانت مسئولة - ولو إلى حد ما - عن الإشراف على الخدمة ، إذ يبدو أن أصحاب العرس كانوا من الأقرباء المقربين. وعندما فرغت الخمر ، قالت له أمه : ليس لهم خمر . ولا شك في أنها كانت قد بدأت
تدرك - إلى حد ما - حقيقته، فكانت تتوقع أن يفعل شيئاًلإنقاذ الموقف ، ولإشهار حقيقيته. ومن هنا جاء قوله لها : لم تأت ساعتي بعد . ( يو2: 1-5 ).
بعد هذا أنتقل الرب يسوع هو وأمه وإخوته وتلاميذه إلى كفرناحوم ( يو 2: 12). واجتمع حوله جمع كثير ، ولما سمع أقرباؤه ، خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا إنه مختل ( مرقس 3: 21 ). وعندما جاء إخوته وأمه ووقفوا خارجاًوارسلوا إليه يدعونه، أما هو فأجاب قائلاً: من هي أمي ومن هم إخوتي ؟ ثم مد يده نحو تلاميذه ، وقال : ها أمي وإخوتي. لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأختي وأمي ( مت 12: 46-50 ، مرقس 3: 31 - 35 ، لو 8: 19-21 ) . والإشارة الأخرى إلى مريم أمه في أثناء خدمته هي عندما رفعن امرأة صوتها من الجمع وقالت له : طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما. أما هو فقال : بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه ( لو 11: 27 و 28 ). وهو هنا يؤكد مرة أخرى أن العلاقة الجسدية به لا تضمن - بالضرورة - البركة ، لأن البركة الحقيقية هي في طاعة الله.
(8) عند الصليب :
يذكر يوحنا الحبيب أن مريم أم يسوع كانت بين الواقفات عند الصليب ، ولما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً، قال لأمه : يا امرأة هوذا ابنك .ثم قال للتلميذ : هوذا أمك ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته ( يو 19: 25- 27).
وتقول بعض التقاليد إنها عاشت بقية أيامها مع يوحنا سواء في أورشليم ، أو رافقته إلى أفسس .
(9) بعد القيامة :
لا تذكر الأناجيل شيئاًعنها بعد ذلك ، ولكن لوقا يذكر في سفر أعمال الرسل إنه بعد قيامة المسيح وصعوده إلى السماء ، ورجع التلاميذ من جبل الزيتون إلى أورشليم وصعدوا إلى العلية التي كانوا يقيمون فيها ، وكانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته ( أع 1: 12-14 ) في انتظار تحقيق وعد الرب بإرسال الروح القدس ، وهو ما تم في يوم الخمسين. ولا يذكر الكتاب المقدس شيئاًعنها بعد هذا.
إن جميع المسيحيين ، بل والكثيرين من غير المسيحين يطوبونها لأنها أم يسوع ، وهي بلا شك تستحق ذلك فجميع الأجيال تطوبها ( لوقا 1: 48 ) ، لكن لا سند من الكتاب المقدس لكل الأساطير التي ينسجونها حولها ، ويجب أن نلتزم بكلمة الله لأنها هي الحق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سلام ونعمة رب المجد يسوع